جزء من لمحة عامة من سيرته الأدبية قبل النبوة
كان صلى الله عليه وسلم لا يشرب الخمر ولا يأكل مما ذُبح على النصب ولا يحضر للأوثان عيداً أو أحتفالاً , صدوق الحديث وأخلاق يعترف له بها كل من عرفه حتى سُمّيَ الأمين وكان نافراً من المعبودات الباطلة ويأكل من عمل يده لأن أباه لم يترك له ثروة إلا الشيء القليل وكان عمله التجارة وعمل بمال زوجته ويشركها بالربح وكان يشارك غيرها أحياناً ولم يكن يقرأ ولا يكتب.
وكان يتعبد في غار حراء في جبل النور وعبادته كانت فكراً في خالق الكون الأعظم وقيل أن عبد المطلب أول من تعبّد في هذا الغار وكان يطوف بالكعبة ويحج كما كانت الناس يحجون ويلتزم بمكارم الأخلاق التي في مقدمتها الصدق والأمانة والوفاء وهذه كلها صفات يحمل عليها العقل الراجح.
نزول الوحي عليه
كان أول ما بدأ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (راجع الحديث عند البخاري ) وبينما كان يتعبد حسب عادته بغار حراء إذا جاءه الوحي وذلك في يوم الأثنين ١٧ رمضان للسنة ٤١ من ميلاده وقد أشار لذلك ربنا في الآية الكريمة:
( إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ) الأنفال
والمراد بيوم التقاء الجمعان يوم بدر وكان صبيحة يوم الثلاثاء ١٧ رمضان من السنة الثانية للهجرة وقد جعله عاماً لأول يوم نزل فيه القرآن وليلة نزول القرآن التي قال فيها ربنا ( إنا أنزلناه في ليلة القدر) القدر.
وهذا سبب تخصيص الإسلام شهر رمضان بالصيام لأنه الشهر الذي كان يتعبد فيه رسول الله بغار حراء ونزل عليه القرآن لأول مرة قال تعالى ( شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن ) البقرة.
وجعلت نهايته عيداً تذكاراً لذلك الأمر العظيم ووجبت فيه صدقة يدفعها المسلمين لفقرائهم (صدقة الفطر).
وقد روى ابن هشام كيفية بدء الوحي بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه قال : فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ. قلت ما أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال اقرأ. قال قلت: ماذا أقرأ؟ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ ، فقلت : ما أقرأ ما أقول إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال :
( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) العلق
فقال: فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتاباً فخرجت حتى إذا كنت في الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل.
قال فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل بصورة رجل صافٍ قدميه في أفق السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل , قال : فوقفت أنظر إليه فما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة في طلبي فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثم انصرف عني وانصرفت راجعاً إلى أهلي حتى أتيت خديجة جلست إلى فخذها مصغياً إليها فقالت : يا أبا القاسم أين كنت ؟
لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا ، ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت : أبشر يا ابن عمي واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب وسمع أهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ورقة :
قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنتِ صدقتي يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فيثبت , فرجعت وأخبرته بما قال فلما قضى النبي جواره وانصرف صنع كما كان يصنع.
بدأ بالكعبة فطاف بها فقال له ورقة بن نوفل والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجته ولتقاتلنه ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصراً يعلمه , ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله.
يمكنكم الإطلاع على مقالاتنا الأخرى
- وأد البنات عند العرب وكيف كانوا يعاملون أبنائهم
- تفرعات قريش لمحة عامة
- تجارة وصناعة العرب قبل الإسلام
- حالة العرب الإجتماعية قبل الإسلام الرجل في أهله
- كيف كانت اللغة والكتابة عند العرب قديماً
- الأخلاق العربية خلق العرب وبعض تصرفاتهم القديمة
- العلوم التي أهتم بها العرب قديماً والوضع السياسي العام لهم
- دين العرب قبل المبعث النبوي
- بداية التماس الرضاعة للنبي عليه السلام
- تسيمة رسول الله ﷺ باسم محمد وذكر وفاة ابيه عبد الله
- قريش ومكة ومحاربة جرهم وتفاصيل عديدة
- ما هو سبب المعارك والخلافات بين العرب قديماً