نوضّح ما سبق المعركة الضخمة ومعرفة هذه النقاط ضرورية
هذا وتواصلت الألوية التي سيّرها أبو بكر الصدّيق بملاحقة أهدافها وتمكنت من كسر العديد من القبائل وتشريد جموعهم .
أما خبر سجاح والتي زعمت أنها نبية مع مُسيلمة الذي زعم أنه نبي فكانت وجهة سجاح أن تقاتل أهل اليمامة فاستطاع مُسيلمة أن يستميلها لطرفه وقد أتفقا على تقاسم غلّات اليمامة.
محتوى المقال
- اقتتال المسلمين مع المرتدين في عقرباء
- تفاصيل المعركة واشتداد ضراوتها
- تعليق : على مقتل زيد بن الخطاب رضي الله عنه
- وقفة على عزيمة سيدنا أبو بكر
وقد كان مع مُسيلمة ((الرّجّال بن عُنفُوة)) حيث هاجر إلى رسول الله ﷺ وقرأ القرآن وفُقِّه في الدين فبعثه النبي عليه السلام ليعلّم أهل اليمامة وليشعّب على مُسليمة .
فكانت فتنته عظيمة أكثر من فتنة مسيلمة حيث زعم أن رسول الله ﷺ يقول : إن مُسيلمة قد أُشرك معه. كان مُسيلمة يرجع له في عدة أمور.
وبعد ذلك أصبح مُسيلمة يسجع بكلمات ويزعم أنها تُوحى له وقد تبعه ما يقارب 40 ألف وقد غلب بعض سرايا المسلمين فأُردفت تلك السرايا بمدد سيدنا "خالد بن الوليد" فلما سمع مُسيلمة بقدوم خالد ، ضرب عسكره في عقرباء فخرج إليه الناس وخرج مجّاعة بن مُرارة في سرية يطلب ثأراً من بني عامر فأخذهم المسلمون فأمر سيدنا خالد بقتلهم.
فترك مُسيلمة الأموال وراء ظهره فقال "شرحبيل بن مُسيلمة" : اليوم يوم الغيرة فإن هُزمتهم تستردف النساء سبيات ويُنكحن غير خطيبات فقاتلوا عن أحسابكم وامنعوا نسائكم.
اقتتال المسلمين مع المرتدين في عقرباء
فاقتتل الناس في عقرباء قتالاً شديداً وكان حامل لواء المهاجرين "سالم مولى أبي حذيفة" وكان قبله مع "عبد الله بن حفص بن غانم" فقتل . فقالوا : تخشى علينا من نفسك شيئاً ؟ فقال : بئس حامل القرآن أنا إذاً.
وراية الأنصار مع "ثابت بن قيس بن شماس" ، والعرب على راياتهم وكان أول من لقي المسلمين الرّجّال بن عُنفُوة فقتله زيد بن الخطاب.
فاشتد القتال فلم ير المسلمون حرباً مثلها قط فانهزم المسلمين وخلص بنو حنيفة إلى مجّاعة وفيها خالد فزال خالد إلى الفسطاط ودخلت بنو حنيفة إلى مجّاعة وهو عند امرأة خالد وكان قد سلّمه إليها فقال لهم مجّاعة : هي في جواري وعليكم بالرجال.
تفاصيل المعركة واشتداد ضراوتها
لمّا تداعى المسلمين في بداية المعركة قال ثابت بن قيس : بئس ما عودتم به أنفسكم يا معشر المسلمين ، اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء يعني أهل اليمامة واعتذر إليك مما يصنع هؤلاء يعني المسلمين ثم قاتل حتى قُتل.
وقال زيد بن الخطاب : لا نحورُ بعد الرجال ، والله لا أتكلم اليوم حتى نهزمهم أو أقتل فأكلمّه بحجتي، غضوا أبصاركم وعضّوا على أضراسكم أيها الناس واضربوا في عدوكم وامضوا قدماً.
وقال أبو حذيفة يا أهل القرآن زيّنوا القرآن بالفعال.
((هذه تبيّن لنا ضراوة المعركة وحجم الهول الذي حدث))
واشتد القتال وحمل خالد في الناس حتى ردوهم إلى أبعد مما كانوا وتذامرت بنو حنيفة وكانت الحرب يومئذٍ تارةً للمسلمين وتارة للمرتدين وقُتل أبو حذيفة وزيد بن الخطاب وغيرهم من أولي البصائر فلما رأى خالد ذلك قال : امتازوا أيها الناس لنعلم من أين نؤتى ، فقال الناس لبعضهم : هذا يوم يُستحى فيه من الفرار.
وكان أهل البوادي قد جنّبوا المهاجرين والأنصار وجنّبهم المهاجرون والأنصار
فما رُئي يوم أعظم نكاية من ذلك اليوم ولم يدر أي الفريقين كان أعظم نكاية غير أن القتل كان في المهاجرين والأنصار أكثر منه في أهل البوادي.
تعليق : على مقتل زيد بن الخطاب رضي الله عنه
لمّا رجع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر، قال له أبيه عمر بن الخطاب : ألا هلكت قبل زيد؟ هلك زيد وأنت حي؟؟ ألا واريت وجهك عني ؟؟ فقال عبد الله بن عمر: سأل الشهادة فأُعطيها ، وجهدت أن تُساق إليّ فلم أُعطها.
نتابع مجريات معركة اليمامة أو الحديقة
قال البراء بن مالك: إليّ إليّ يا معشر المسلمين اطرحوني عليهم وكان إذا حضر الحرب تصيبه رعدة فإذا بال وثب وثار كما يثور الأسد. وطلب منهم أن يلقوه إلى الحديقة ليفتح لهم الباب فرفضوا فقال :
والله لتطرحنني عليهم فاحتمل حتى أشرف على الجدار فأقتحم عليهم وقاتل قتالاً شديداً حتى فتح لهم الباب.
كان ذلك بعد أن عرف خالد أن القتال سيستمر حتى يُقتل مُسيلمة فطلبه للمبارزة فلم يتم له ذلك ، وتحاور معه على بعض ما يريد . ولم يجدِ نفعاً فاحتدم القتال حتى دخلت بنو حنيفة الحديقة وأوصدوا بابها .ففتحه البراء.
فأقتتل الناس قتالاً شرساً وأستحر القتل ببني حنيفة حتى قُتل مُسيلمة قتله وحشي مولى جبير بن مطعم ورجلٌ من الأنصار . فبلغ ذلك خالد فخرج بمجّاعة يرسف بالحديد ليدّله على مُسيلمة بين الجثث.
فمرَّ بمحكّم اليمامة وكان وسيماً فقال هذا صاحبكم ؟ فقال مجّاعة: لا هذا والله خير منه وأكرم . فدخل حتى إذا برَجلٍ أُصيفر أُخينس فقال مجّاعة هذا صاحبكم قد فرغتم منه. فقال خالد : هذا الذي فعل بكم ما فعل
وكان الذي قتل محكّم اليمامة عبد الرحمن بن أبي بكر رماه بسهم أثناء خطبته بالناس يحرضهم.
وقال مجّاعة لخالد: ما جاءك إلا سرعان الناس وإن الحصون مملوءة، فهلم إلى الصلح على ما ورائي. فصالحه خالد على كل شيء دون النفوس وقال له أذهب إليهم وشاورهم.
فذهب مجّاعة ولم يكن بالحصون سوى النساء والأطفال والمشيخة وضعاف الرجال فطلب منهم أن يلبسوا الحديد وأمر النساء أن ينثرن شعورهن على الحصون. فرجع مجّاعة وقال لخالد: أبوا أن يجيزوا ما طلبت.
فرأى خالد الحصون مملوءة والحرب قد نهكت المسلمين وطال اللقاء وأحبوا أن يرجعوا على الظفر ولم يدروا ما هو كائن .
وقد قُتل من المسلمين قرابة 660 ما بين مهاجرين وأنصار ،وقُتل من بني حنيفة بعقرباء 7000 وبالحديقة مثلها وفي الطلب نحوٍ منها. فصالحه خالد على الذهب والفضة والسلاح ونصف السبي وقيل ربعه
فلمّا دخل خالد الحصون لم يجد إلا النساء والصبيان فقال لمجّاعة : ويحك خدعتني! فقال مجّاعة : هم قومي ولم استطع إلا ما صنعت.
وبعد ذلك وصل كتاب أبو بكر إلى خالد أن يقتل كل محتلم ، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر.
وفي هذه السنة قد أمر أبو بكر بجمع القرآن بعد أن قتل الكثير من الصحابة لئلا يذهب القرآن.
انتهى كما ورد عند ابن الأثير رحمه الله.
وقفة على عزيمة سيدنا أبو بكر :
أطفأ سيدنا أبو بكر نار الردة بعزيمة جبارة لم تُعرف لغيره من أولي العزمات، وذلك كله قبل نهاية السنة التي تُوفي بها رسول الله ﷺ .
وقد كانت هناك العديد من المعارك التي لم نذكرها أشهرها البحرين واليمن .
وإنّ الإنسان ليحتار في بادىء بدء بخروج الناس ولم يتبق للمسلمين سوى مساحة قليلة جداً و كيف استطاعوا إعادتهم وتأديبهم والظفر على ألوف مؤلفة من أتباع القبائل وساداتهم ، ولكن حينما ينظر لصدق العزيمة وتنظيم الكتائب وكيفية تسيير الجنود والأهم من ذلك كله الثقة بنصر الله عز وجل طالما تمسكت بأوامره ونواهيه ونهج نبيه المصطفى عليه السلام لزالت عنه الحيرة في ذلك الموقف وغيره من أي موقف مشابه.
وبعد أن استتب الأمر وعاد الناس إلى الطاعة شرع الصدّيق وجنده بمرحلة جديدة يأتي تفصيلها في قادم المقالات.
- فتوحات المسلمين في العراق في عهد أبو بكر الصديق
- غزو أبو بكر الصديق الرومَ و معركة اليرموك
- معركة أليس نهر الدم مثير
- الفتوحات في خلافة سيدنا أبو بكر الصدّيق
- جزء من أخبار أبو بكر الصدّيق في حروب الردّة