صُحبة الأجداد

تعنى بالتاريخ وتسلط الضوء على أحداثه بشكل سلس بدون تفاصيل عميقة يضيع القارىء بين سطورها

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

غزو أبو بكر الصديق الرومَ و معركة اليرموك

كان إرسال الجيوش للشام متأخراً عن إرسالها للعراق ففي أواخر سنة ١٢ للهجرة أرسل سيدنا أبو بكر أربعة من كبار القادة وهم:

وحدد لكل منهم جنده ووجهته والطريق التي يسيرها والولاية التي يتولاها بعد الفتح ، فسارت هذه الجنود يتبع بعضها بعضاً وكان عديد هذه الجيوش قبل وصول مدد العراق 36 ألف. 

غزو أبو بكر الصديق الرومَ  و معركة اليرموك


فهرس محتوى المقال

مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام

تفاصيل وقعة اليرموك


فلما سمع هرقل بهذه الجيوش وكان نازلاً بحمص وقد علم بتفرق هذه الجيوش على أربعة قواد فأراد أن يقاتلهم متفرقين بأضعاف أعدادهم. 

فلمّا علم الرؤساء الأربعة بذلك تكاتبوا وقالوا لعمرو بن العاص ما الرأي؟ فقال عمرو: الاجتماع وذلك إن مثلنا إذا اجتمع لم يُغلب من قلة  وإذا نحن تفرقنا لم يبق الرجل منا في عدد يقرن فيه لأحد ممن استقبلنا وأعد لنا لكل طائفة منا. 

فاستحسنوا الرأي واتعدوا اليرموك وكاتبوا سيدنا أبو بكر بذلك فجاءهم كتابه بمثل رأي عمرو بن العاص.

وأمرهم أن يجتمعوا في اليرموك وأن يصلي كل رجل بأصحابه فبلغ ذلك هرقل فأمر جيشه بالأجتماع في اليرموك. 

فنزلت الروم منزلاً واسع المطرد ضيق المهرب فنزلوا الواقوصة وهي على ضفة اليرموك، فصار الوادي خندقاً لهم وهو لهيب لا يدرك.

وقد أراد قادة الروم بذلك أن تستفيق جنودهم ويأمنوا المسلمين وترجع لهم أفئدتهم من طيرتها. 

وقد وافتهم الجيوش الإسلامية هناك فنزلوا بمحاذاتهم على طريق فأصحبت الروم كأنها محصورة لأن هذا الطريق هو المنفذ الوحيد لهم فبقي الأمر على ذلك صفر سنة 13 وشهري ربيع. فلا يقدرون على الروم على شيء ولا يخلصون إليهم للهب وهو الواقوصة والخندق من أمامهم وقد كتب المسلمون بذلك لسيدنا أبو بكر ليمدهم فطلب من خالد بن الوليد أن يلحق بهم ويستخلف على العراق المثنى بن حارثة. 

فصادف قدوم خالد  مدد كبير من الروم حتى بلغ عدد جيشهم ما يقارب 240 ألف مقاتل. 

مسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام

 فقد أمره الصدّيق أن يحث بالمسير وأن لا يأخذ معه رجل فيه نجدة إلا ويترك للمثنى في العراق مثله وقيل أنه استأثر بأصحاب النبي عليه السلام فقال له المثنى والله لا أقيم إلا على إنفاذ أمر أبو بكر ووالله ما أرجو النصر إلا بأصحاب النبي عليه السلام.

فلمّا رأى خالد منه ذلك أرضاه. وقيل أن سيدنا أبو بكر أمره أن يأخذ أهل القوة والنجدة.

سار خالد وشق طريقه ونزل على ماء لكلب اسمه قراقر ، وأراد أن يسير الصحراء فطلب دليل منهم فقال له : إنك لن تطيق ذلك بالخيل والأثقال فوالله إن الراكب المفرد يخافه على نفسه. فقال خالد: إنه لا بد لي من ذلك لأخرج من وراء جموع الروم لئلا يحبسني عن غياث المسلمين.

فأمر أن يحمل كل صاحب جماعة الماء للشعبة لخمس وأن يعطّش من الإبل الشرف (المسنة)  ثم يسقوها مراراً  ثم يصمّوا أذان الإبل ويشدوا مشافرها لئلا تجتر.

فلمّا ساروا ليوم وليلة شقوا بطون ١٠ إبل فمزجوا ماء بطونها مع اللبن وسقوا الخيل وكان المسير حثيثاً وفتح الله عليهم أن وجدوا ماء بعد أن كادوا يهلكوا.

فانتهى خالد إلى منطقة سوى وأغار على أهلها وقتل منهم وأتى قصم فصالحوه أهلها وهم من قضاعة ثم وصل إلى أرك فصالحوه وهي موضع شرق تدمر ومنها إلى تدمر فتحصنوا ثم صالحوه ثم إلى القريتين فقاتلهم وظفر بهم ثم أتى حوارين وهي موضع جنوب غرب القريتين فقاتل أهلها وسبى وغنم منهم  وسار فوصل ثنية العقاب عند دمشق رافعاً رايته وهي راية سوداء وقد سُميت الثنية بها وقد كانت راية النبي عليه السلام راية العقاب سوداء اللون. 

ثم سار فأتى مرج راهط فهاجمهم في يوم فصحهم فقتل وسبى وأرسل سرية إلى كنيسة بالغوطة فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأخذوا الغلمان إلى خالد  ثم سار حتى أتى إلى بُصرى فكانت أول مدينة فُتحت بالشام على يد خالد وأهل العراق وبعث الأخماس إلى سيدنا أبو بكر.

ثم سار فطلع على المسلمين في ربيع الآخر وكان حينها الروم قد جلبوا الشمامسة والقسيسون والرهبان يحرضون جندهم على القتال.


تفاصيل وقعة اليرموك

 

 بعد تكامل جيش المسلمين وقرابة عددهم 46 ألف وقيل أقل من ذلك وكان فيهم ألف صحابي منهم نحو مائة ممن شهد بدر ، بينما الروم 240 ألف مقاتل منهم 80 ألف مقيّد و 40 ألف مسلسل للموت و 40 ألف مربطون بالعمائعم لئلا يفروا.

وكان قتال المسلمين لهم على تساند كل أمير على أصحابه لا يجمعهم أحد. وكان القسيسيون قد خرجوا للقتال بعد تحريض قومهم فلمّا أحس بهم المسلمون أرادوا الخروج متساندين فسار بهم خالد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، فإن لهذا اليوم ما بعده،

ولا تقاتلوا قوماً على نظام وتبيعة وأنتم متساندون، فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي وإن من ورائكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا ، فاعملوا بالذي لم تؤمروا به  بالذي ترون أنه رأي من واليكم ومحبته. 

فقالوا : هات ما الرأي؟ 

فقال : 

إن أبا بكر لم يبعثنا إلا ويعلم أننا سنتياسر ولو علم بالذي كان وسيكون ، لقد جمعكم ، إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من إمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا فرّقت بينكم، فالله الله!

فقد أفرد كل رجل منكم ببلد لا ينتقص منه إن دان لأحد الأمراء ولا يزيده عليه إن دانوا له، إن تأمير بعضكم لبعض لا ينتقصكم عند الله ولا عند خليفة ‏رسول الله ﷺ .

هلمّوا فإن هؤلاء قد تهيأوا وإن لهذا اليوم ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردّهم وإن هزمونا لم نفلح بعدها ، فلنتعاور الإمارة فليكن بعضنا اليوم والآخر بعد غد حتى تتأمروا كلكم ودعوني أتأمر اليوم.

فأمروه وهم يرون أن الأمر لا يطول 

فخرجت الروم في تعبية لم يُرَّ مثلها قط وخرج خالد في تعبية لم يعهدها العرب من قبل فخرج في 35 كردوساً إلى 40.

وقال إن العدو كثير  وليس تعبية في رؤى العين من الكراديس ، فجعل القلب كراديس وعليها أبو عبيدة وجعل الميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص والميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان وجعل القعقاع على كرودس وكل كردوس عليه رجلاً من الشجعان .

وجعل أبو سفيان  قاصّ (محرض) وجعل القاضي أبو الدرداء. 

فقال رجل لخالد: ما أكثر الروم وما أقل المسلمين  فقال له:

ما أكثر المسلمين وأقل الروم إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان والله لوددت أن الأشقر (فرسه) براء من توجيه وأنهم أُضِعفوا في العدد وكان قد حفي في مسيره.

فأمر خالد عكرمة بن أبو جهل و  القعقاع بإنشاب القتال وتطارد الفرسان وتقاتلوا   وكان قد قدم عليهم بريد المدينة فسألوه ما الخبر ؟  فأخبرهم بسلامة ومدد

وإنما جاء بموت سيدنا أبو بكر وتأمير أبو عبيدة فبلغوه خالداً فأخبره سراً.

وقد خرج أحد قادة الروم متعجباً بخبر خالد فتحاورا وانتهى الحوار بإسلامه وقتاله الروم بعد ان اغتسل وصلى وقد قُتل يومها.

فحملت الروم حملة أزالت المسلمين من مواقعهم إلا المحامية عليها عكرمة وعمه الحارث بن هشام. 

فقال عكرمة : قاتلت مع ‏رسول الله ﷺ في كل موطن ثم أفرّ اليوم ! ثم نادى من يبايع على الموت ؟ فبايعه الحارث وضرار بن الأزور و400 من رجالات المسلمين  فقاتلوا قُدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جراحاً فمنهم من  برأ ومنهم من قُتل.

ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجلهم فانهزم الفرسان وتركوا الرّجّالة 

فلمّا رأى المسلمون خيل الروم قد توجهت للمهرب فرجوا لها الطريق فتفرقت واقتحموا على الرّجّالة فقتلوهم وعمدوا إلى  الواقوصة  فهوى بها  المربطّين 80 ألف و40 ألف سوى من قتل بالمعركة. وتجلل سادات من الروم فقتلوا متزملين. 

ولمّا أصبحوا أُتى خالد بعكرمة ابن أبو جهل جريحاً فوضع رأسه على فخذه وبعمرو بن عكرمة فجعل رأسه على ساقه وقال : زعم عمر أنا  لا نُستشهد !

وقد قاتلت النساء بذلك اليوم وأبلين. 

وقد روي أن أبا سفيان بن حرب قد شق صوته جموع المسلمين وهو يحرضهم ويشجعهم فأتاه نبل ففقأ عينه. 

فكانت هزيمة الروم مدوية ووصل الخبر لهرقل وهو بحمص فنادى بالرحيل عنها وجعل عليها أميراً وجعلها حداً فاصلاً بينه وبين المسلمين وقيل أنه قال وداعاً يا شام وداعاً لا لقاء بعده. 


عن الكاتب

صُحبة الأجداد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

صُحبة الأجداد