صُحبة الأجداد

تعنى بالتاريخ وتسلط الضوء على أحداثه بشكل سلس بدون تفاصيل عميقة يضيع القارىء بين سطورها

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

فتح مرج الروم وبعض مدن الشام زمن عمر بن الخطاب

 نبدأ بالفتوح في ما كان بيد الروم  زمن عمر بن الخطاب ونبدأ بمرج الروم سهل البقاع اللبناني ،فبعد أن ذكرنا عن فتح دمشق في (المقال) وذلك سنة أربع عشرة للهجرة وكان قد وصل كتاب سيدنا عمر بتولية سيدنا أبو عُبيدة  وعزل سيدنا خالد فبعد  أن تم فتح دمشق  وسيّر جند العراق للعراق بأمر الكتاب نفسه. 


فتح مرج الروم وبعض مدن الشام زمن عمر بن الخطاب


وبعد أن تم فتح فحل (في بلاد الأردن) سار سيدنا أبو عُبيدة وعلى مقدمته سيدنا خالد من سنة ١٥ للهجرة يريد مرج الروم وقد اجتمع بها قائدان من قواد الروم (توذر البطريق وشنش)   وقد أتى شنش ردءاً  لتوذر ومن خلفه حمص  فسار توذر يطلب دمشق فسار سيدنا خالد وراءه في خيل لا رجّالة فيها وقد بلغ سيدنا يزيد بن أبي سفيان  فعل توذر فاستقبله فاقتتلوا ولحق بهم سيدنا خالد وهم يقتتلون فأخذهم من خلفهم ولم يفلت منهم إلا الشريد ، وغنم المسلمون ما معهم ، فقّسمه سيدنا يزيد في أصحابه وأصحاب سيدنا خالد وعاد  سيدنا يزيد دمشق ، ورجع سيدنا خالد إلى سيدنا أبي عُبيدة وقد قُتل توذر. 


وقاتل سيدنا أبو عُبيدة بعد مسير سيدنا خالد شنش فاقتتلوا بمرج الروم فقُتلت الروم مقتلة عظيمة وقُتل شنش ، وتبعهم المسلمون إلى حمص. فلمّا بلغ ذلك هرقل أمر بطريق حمص بالمسير إليها ، وسار هو إلى الرّهاء، وسار سيدنا  أبو عُبيدة إلى حمص.



فتح حمص و بعلبك و حماة و معرة النعمان و اللاذقية و جبلة و السلمية 

قيل أن مسير سيدنا أبو عُبيدة إلى حمص  تم من طريق بعلبك فحصرها فطلب أهلها الأمان فصالحوه. وقيل أنه سار من مرج الروم السابق ذكره ، فلما نزلها قاتل أهلها فكانوا يغادونهم القتال ويراوحونهم في كل يوم بارد. ولقي المسلمون برداً شديداً ولقي الروم حصاراً طويلاً.


وكان هرقل قد أرسل إلى أهل حمص يعدهم المدد وأرسل إلى أهل الجزيرة بالتجهز إلى  حمص  ، فساروا نحو الشام ليمنعوا حمص وقد سيّر سيدنا سعد بن أبي وقاص السرايا نحو الجزيرة وقد تفرّق أهل الجزيرة بعد ذلك.


وكان أهل حمص يقولون تمسكوا بمدينتكم فإنهم حفاة فالبرد سيسقط أقدامهم عندما يشتد ، فكانت أقدام الروم تسقط ولا يسقط للمسلمين أصبع.


ولما خرج الشتاء قام شيوخ من الروم يدعون قومهم للصلح فلم يستجيب قومهم ، فناهدهم المسلمون وكبروا تكبيرة وانهدمت كثير من دور حمص وتزلزلت حيطانهم  وكبروا ثانيةً  فأصاب أهل حمص أكثر مما أصابهم بالأولى فانخلعت قلوبهم وأتوا يطلبون الصلح ولا يعلم المسلمون ما حدث عندهم فقبلوا منهم الصلح على صلح دمشق. 


وبعث سيدنا أبو عُبيدة بالأخماس إلى سيدنا عمر  وكتب إليه سيدنا عمر (أن أقم بمدينتك و ادع أهل القوة من عرب الشام فإني غير تارك البعثة إليك)


ثم استخلف على حمص سيدنا عبادة بن الصامت وسار إلى حماة فتلقاه أهلها مذعنين فصالحهم أبو عُبيدة بالجزية لرؤوسهم  والخراج على أرضهم.  ثم سار إلى سيزر  فعملوا عمل أهل حماة. ثم سار إلى معرة حمص وهي معرة النعمان اليوم كان اسمها معرة حمص فصالحوه على صلح أهل حمص.


ثم سار إلى اللاذقية فقاتله أهلها وكان لها باب عظيم يفتحه جمع من أهلها  لضخامته فعسكر المسلمون حولها وأمر بحفر حفر كبيرة تستر الفارس راكباً فحفروا واستتروا بها، وقد ظن أهل اللاذقية أن المسلمين انصرفوا عنهم ففتحوا الباب وخرجوا كما عاداهم فباغتتهم خيول المسلمين ودخلوا المدينة عنوةً  وهرب قومٌ من النصارى  وطلبوا الأمان على أن يرجعوا فقوطعوا على خراج يؤدونه كثروا أم قلو. وترك المسلمين لهم كنيستهم وبنوا مسجداً جامعاً بناه سيدنا عبادة بن الصامت ثم وُسّع فيه بعد.


ولما فُتحت اللاذقية جلا أهل جبلة من الروم عنها ولمّا كان زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بنى حصناً خارج الحصن الرومي وشحنه بالرجال. 


وفتح المسلمون مع عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنطرطوس وكان حصيناً فجلا عنه أهله وبنى سيدنا معاوية مدينة أنطرطوس ومصّرها  وأقطع بها القطائع للمقاتلة وكذالك فعل ببانياس.



وفُتحت السلمية أيضاً وقيل أن اسمها جاء لأن مدينة كانت حولها اسمها المؤتفكة فقُلبت بأهلها فلم يسلم منهم غير مائة نفر فكانوا يقولون لها سلم مائة، ومع مرور الأيام حرّفها الناس لسليمة وهذا يتمشّى إذا كان سكانها يتكلمون العربية،  وقيل أن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس اتخذها داراً وبنى وولده فيها ومصّروها ونزلها من نزلها من ولده فهي وأرضوها لهم. 



فتح حلب و قنسرين و أنطاكيا وهروب هرقل

روى ابن الأثير  أن سيدنا أبو عُبيدة قد أرسل خالداً إلى قنسرين فلما نزل الحاضر زحف إليهم الروم وقائدهم ميناس وهو الرجل الثاني في الروم بعد هرقل. 


فاقتتلوا فقُتل ميناس ومن معه مقتلة عظيمة على دمٍ واحد ، وسار سيدنا خالد حتى نزل على قنسرين فقال أهلها بعد تحصّنهم : لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم إلينا . فنظروا في أمرهم ورأوا ما حصل بأهل حمص فصالحوا على صلح حمص فأبى سيدنا خالد إلا على إخراب المدينة فأخربها.


فعند ذلك دخل هرقل القسطنطينية وسببه أن خالداً وعياضاً أدربا إلى هرقل من الشام وأدرب عمرو بن مالك من الكوفة وأدرب فخرج من ناحية قرقيسيا وأدرب عبد الله بن المعتم من ناحية الموصل ثم رجعوا فدخل هرقل القسطنطينة وكانت هذه أول مدربة بالإسلام سنة خمس عشرة وقيل ست عشرة.


فلما بلغ سيدنا عمرَ صنيع خالد قال : أمّر خالد نفسه ، يرحم الله أبا بكر كان هو أعلم  بالرجال مني . وقد كان قد عزله والمثنى ، وقال : إني لم أعزلهما عن ريبة ولكن الناس عظموهما فخشيتُ أن يوكلوا إليهما.


وقيل أن هرقل لما هرب وقف على مكان مرتفع وقال: سلام عليك يا سوريا ، سلامٌ لا اجتماع بعده ، ولا يعود روميّ إليك أبداً إلا خائفاً حتى يُولد المولود المشؤوم وليته لا يولد  فما أحلى فعله وأمر فتنته على الروم.


ثم سار فدخل القسطنطينة وأخذ معه أهل الحصون التي بين إسكندرية وطرطوس لئلا يسير المسلمون في عمارة ما بين أنطاكيا وبلاد الروم وشعّث الحصون فكان المسلمون لا يجدون بها أحداً وربما كمن عندها الروم.


ثم سار أبو عُبيدة إلى حلب وبلغه أن أهل قنسرين غدروا فأرسل إليهم السمط الكندري فحصرهم وفتحها. 


ووصل أبو عُبيدة إلى حاضر حلب وهو قريب منها فجمع أصنافاً من العرب فصالحهم أبو عُبيدة على الجزية ثم أسلموا بعد ذلك.


وكان على المقدمة عياض بن غنم وحصرهم المسلمون فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح على أنفسهم وكنائسهم  فأعطاهم عياض ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد  فأجاز ذلك سيدنا أبو عُبيدة. 


وقيل أن أبو عُبيدة لم يصادف بحلب أحداً لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكيا وتراسلوا بالصلح فلما تمَّ رجعوا إليها.


وسار سيدنا أبو عُبيدة من حلب إلى أنطاكيا وكان بها خلق كثير جاءوا من قنسرين وغيرها فلقيه جمع العدو فهزمهم وألجأهم إلى المدينة وحاصرها من جميع نواحيها ثم إنهم صالحوه على الجلاء والجزية فجلا بعض وأقام بعض فآمنهم. ثم نقضوا فوجّه أبو عُبيدة  إليهم  عياض وحبيب بن مسلمة ففتحاها على الصلح الأول. 


وكانت  أنطاكيا عظيمة الذكر عند المسلمين فلما فُتحت كتب سيدنا عمر إلى سيدنا أبو عُبيدة أن رتّب بأنطاكيا جماعة من المسلمين واجعلهم بها مرابطة ولا تحبس عنهم العطاء.


وقد فُتحت بعد ذلك العديد من المناطق (معرة مصرين وبُوقا و قرى الجومة و سرمين وجميع أراضي قنسرين وأنطاكيا وكذلك قوروس وتل عزاز  و أيضاً منبج و دلوك ورعبان وبالس وقاصرين ) كما وهناك مناطق تم فتحها بهذا المحور أبرزها جُرجومة وأهلها يُقال لهم الجراجمة  وسار عدد من المسلمين على طريق بغراس واقتتلوا مع جمعاً من الروم فغلبوهم  وسار عدد آخر إلى مرعش ففتحوها أيضاً واستولى المسلمون على هذه الناحية إلى الفرات. 


هكذا روى ابن الأثير في الكامل في هذه المواقع كلها. 



عن الكاتب

صُحبة الأجداد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

صُحبة الأجداد