تم تمصير الكوفة بأمر أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. حيث كانت الرسل ترد إليه بعد أن صار السواد كله بيد المسلمين عقب نهاية جلولاء وحلوان وفتحهما، فيرى سيدنا عمر في وجوه هؤلاء الوفود تغيراً ، فسأل عن ذلك سيدنا سعداً فأخبره :إن العرب وكفى ألوانهم وخومة المدائن ودجلة.
فكتب إليه سيدنا عمر أن العرب لا يوافقها إلا ما وافق إبلها من البلدان فابعث سلمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً برياً بحرياً ليس بيني وبينكم بحر ولا جسر.
بناء الكوفة
فعمل بذلك سيدنا سعد فسار سلمان وحذيفة حتى نزلا موضع الكوفة وهو حصباء ورمل فأتيا عليها وفيها دبرات ثلاث فأعجبتهما البقعة فنزلا بها وصليا ودعيا ثم كتبا لسعد بالخبر.
فبُلُغ بذلك سيدنا عمر فأمره أن يسير بالجنود إليها فسار إليها سيدنا سعد وبعث في طلب أمراء الثغور وأن يستخلفوا على ثغورهم فلحقوا به حتى عسكروا بالكوفة وذلك سنة 17 للهجرة ، فبنوا بيوتاً من قصب لكن شبّ بها حريق فأذن لهم سيدنا عمر أن تُبنى باللبن وكان على البناء ( أبا الهياج بن مالك الأسدي ) فاوضح مناهجها وما يليها وأزقتها.
فجعل المناهج 40 ذراعاً وما يليها 30 ذراعاً وما بين ذلك 20 والأزقة 7 أذرع وفي القطائع 60 ذراعاً.
وكان أول ما أسس المدينة مسجدها فاختطوه وجعلوا على مقدمته ظلة ذرعها مئتان على أساطين رخام كانت للأكاسرة سماؤها كأسمية الكنائس الرومية و بنى لسيدنا سعد بحياله داراً وصار البناء حول المسجد. وأخذت المدينة شكل جميل لا يحجب عن العرب الهواء لكثرة المناهج واتساعها.
بناء البصرة
وفي هذا العام نفسه بُنيَ البناء في البصرة وصحيح أن المسلمون نزلوها سنة 13 إلا أن بناءها كان سنة 17 كما الكوفة.
ثغور الكوفة والبصرة
وكانت ثغور الكوفة أربعة (حلوان و ماسبذان وقرقيسياء والموصل) وأميرها سيدنا سعد بن أبي وقاص والبصرة ثغراً له أمير خاص يعينه أمير المؤمنين.
فصارت الكوفة والبصرة من هذا التاريخ مركزين حربيين تفصل منهما الجنوب للحرب ولكل منهما جنود خاصة.
فتح ما بين دجلة والفرات (الجزيرة)
فصلت من الكوفة ثلاث فصائل يقودها:
- 1_سهيل بن عدي لفتح الرقة (مدينة مشهورة على الفرات)
- 2_عبد الله بن عتبان لفتح نصيبين
- 3_عقبة بن الوليد لإخضاع عرب الجزيرة
وأمر سيدنا عمر إن كانت حرب فالقائد العام عياض بن غنم .
وكان هدف سيدنا عمر كسر شوكة الروم الذين ساروا من الجزيرة لقتال سيدنا أبا عبيدة في حمص (سيرد ذكرها في فتوح الشام)
فسار كل قائد نحو مقصده وكان ذلك تخفيفاً على جنود الشام
فسار عياض حتى أتى الرها فصالحه أهلها على الجزية ثم حران فصالحت ثم فُتحت نصيبين ثم أرمينية .وقد فتح الكثير من القرى والبلدات القريبة من هذه المراكز.
أما عرب الجزيرة فأنهم لما رأوا الطلب خفوا وتركوا أرضهم وأوغلوا في أرض الروم وبعد مراسلات بينهم وبين هؤلاء العرب قال المسلمون منهم: لا تنفروا العرب بالخراج ، ولكن ضعفوا عليهم الصدقة التي تأخذونها من أموالهم فيكون جزاء فإنهم يغضبون من ذكر الجزاء فرضي سيدنا عمر بذلك ،
وبهذا قبل العرب أن يعودوا إلى بلادهم ويقيموا بها (القصد بالعرب هم سكان هذه المناطق المذكورة)