صُحبة الأجداد

تعنى بالتاريخ وتسلط الضوء على أحداثه بشكل سلس بدون تفاصيل عميقة يضيع القارىء بين سطورها

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

تفاصيل معركة جلولاء وتمصير الكوفة وفتح حلوان

وفي سنة ست عشر من الهجرة ولمّا وصلت فلول الفرس إلى جلولاء وافترقت الطرق بأهل أذربيجان والباب وأهل الجبال وفارس ، قالوا: لو افترقتم لم تجتمعوا أبداً وهذا مكان يفرّق بيننا ، فهلمّوا فلنجتمع للعرب ولنقاتلهم ، فحفروا خندقاً واجتمعوا فيه على ( مهران الرازي ) وأحاطوا خندقهم بحسك الحديد إلا طُرقهم.

تفاصيل معركة جلولاء  وتمصير الكوفة وفتح حلوان





فبلغ ذلك سيدنا سعد فأرسل إلى سيدنا عمر فكتب إليه سيدنا عمر: أن سرّح هاشم بن عُتبة إليهم وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو وإن هزم الله الفرس فاجعل القعقاع بين السواد والجبل وليكن الجند اثني عشر ألفاً ، ففعل ذلك سعدٌ وسار هاشم من المدائن إليهم. 

 ومضى معه وجوه من المهاجرين والأنصار وأعلام العرب فمرّ ببابل مهروذ فصالحه دِهقانُها ، ثم مضى حتى قدم جلولاء فحاصرهم في خندقهم وأحاط بهم وطاولهم الفرس فكانوا لا يخرجون إلا إذا أرادوا ، وزاحفهم المسلمون نحو ٨٠ يوماً ، وجعلت الأمداد ترد من يزدجرد إلى مهران، وأمد سيدنا سعدٌ المسلمين، وفي ذات يوم احتفلت الفرس فأرسل الله عليهم الريح حتى أظلمت البلاد  ومن الأقتتال  سقطت خليهم في الخندق فأفسدوا حصنهم، وبلغ ذلك المسلمين فنهضوا إليهم وقاتلوهم قتالاً شديداً للغاية لم يعرف مثله  ولا ليلة الهرير (ليلة مشهورة كانت بالقادسية وكانت شديدة) إلا أنه كان أعجل. وانتهى القعقاع بن عمرو من الوجه الذي زحف فيه إلى باب خندقهم فأخذ فيه وأمر منادياً فنادى أن أميركم قد دخل الخندق وأُخذ به فأقبلوا إليه ولا يمنعنكم من بينكم وبينه من دخوله. وإنما أمر بذلك ليقوّي المسلمين فحملوا ولا يشكّون بأن هاشماً بالخندق ، فإذا هم بالقعقاع وقد أُخذ به فانهزم المشركون عن المجال يمنى ويسرى فهلكوا فيما أعدوا من الحسك فعُقرت دوابهم وعادوا رجّالة، واتّبعهم المسلمون  فلم يفلت منهم إلا من لا يُعدّ وقُتل يومئذٍ منهم مائة ألف ، فجلّلت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسميت جلولاء بما جلّلتها من قتلاهم، فهي جلولاء الوقيعة .

فسار القعقاع في الطلب حتى بلغ خانقين  ولما بلغت الهزيمة يزدجرد سار من حُلوان نحو الريّ وقدِم القعقاع حُلوان فنزلها في جند من الأفناء والحمراء وفُتحت حلوان بعد قتال مع الذي استخلفه يزدجرد عليها قُبيل هروبه. 

وأرسلوا لسيدنا عمر  بالفتح واستأذنوه في اتباع من فرّ  فأبى وقال: لوددت أن بين السواد وبين الجيل سداً لا يخلصون إلينا ولا نخلص إليهم حسبنا من الريف السواد ، إني آثرت سلامة المسلمين على الأنفال وقد أدرك القعقاع مهران في خانقين فقتله وأصاب سبايا فأرسلهن إلى هاشم فقسّمهنّ، فاتُّخذن فولدن، وممن يُنسب إلى ذلك السبي أمّ الإمام الشعبي رحمه الله.

وقُسّمت الغنيمة وأصاب كل واحد من الفوارس تسعة آلاف وتسعة من الدواب وقيل أن الغنيمة كانت ثلاثين ألف ألف وبعث سيدنا سعد بالأخماس إلى سيدنا عمر مع سيدنا زياد بن أبيه ، فكلّم سيدنا عمر فيما جاء له ووصف له، فقال له سيدنا عمر : هل تستطيع أن تقوم في الناس بمثل ما كلمتني به؟ فقال: والله ما على الأرض أهيب في صدري منك، فكيف لا أقوى على هذا من غيرك !  فقام في الناس بما أصابوا وما صنعوا وبما يستأنفون من الانسياح في البلاد. فقال سيدنا عمر : هذا الخطيب المِصقع. فقال: إنّ جندنا أطلقوا ألسِنتنا.

تمصير الكوفة

تمصير الكوفة بأمر أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

كانت الرسل ترد إليه بعد أن صار السواد كله بيد المسلمين عقب نهاية جلولاء وحلوان وفتحهما، فيرى سيدنا عمر في وجوه هؤلاء الوفود تغيراً ، 

فسأل عن ذلك سيدنا سعداً فأخبره :إن العرب وكفى ألوانهم وخومة المدائن ودجلة. 

فكتب إليه سيدنا عمر أن العرب لا يوافقها إلا ما وافق إبلها من البلدان فابعث سلمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً برياً بحرياً ليس بيني وبينكم بحر ولا جسر .

فعمل بذلك سيدنا سعد فسار سلمان وحذيفة حتى نزلا موضع  الكوفة وهو حصباء ورمل فأتيا عليها وفيها دبرات ثلاث فأعجبتهما  البقعة فنزلا بها وصليا ودعيا ثم كتبا لسعد بالخبر.

فبُلُغ بذلك سيدنا عمر فأمره أن يسير بالجنود إليها  فسار إليها سيدنا سعد وبعث في طلب أمراء الثغور وأن يستخلفوا على ثغورهم فلحقوا به حتى عسكروا بالكوفة وذلك سنة ١٧ للهجرة  ، فبنوا بيوتاً من قصب لكن شبّ بها حريق فأذن لهم سيدنا عمر أن تُبنى باللبن وكان على البناء ( أبا الهياج بن مالك الأسدي ) فاوضح مناهجها وما يليها وأزقتها 

فجعل المناهج 40 ذراعاً وما يليها 30 ذراعاً وما بين ذلك 20 والأزقة 7 أذرع وفي القطائع 60 ذراعاً.

وكان أول ما أسس المدينة مسجدها فاختطوه وجعلوا على مقدمته ظلة ذرعها مئتان على أساطين رخام كانت للأكاسرة سماؤها كأسمية الكنائس الرومية و بنى لسيدنا سعد بحياله داراً وصار البناء حول المسجد.وأخذت المدينة شكل جميل لا يحجب عن العرب الهواء لكثرة المناهج واتساعها. 

وفي هذا العام نفسه بُنيَ البناء في البصرة  وصحيح أن المسلمون نزلوها سنة 13 إلا أن بناءها كان سنة 17 كما الكوفة. 

وكانت ثغور الكوفة أربعة (حلوان و ماسبذان وقرقيسياء والموصل) وأميرها سيدنا سعد بن أبي وقاص. والبصرة ثغراً له أمير خاص يعينه أمير المؤمنين. 

فصارت الكوفة والبصرة من هذا التاريخ مركزين حربيين تفصل منهما الجنوب للحرب ولكل منهما جنود خاصة.


عن الكاتب

صُحبة الأجداد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

صُحبة الأجداد