صُحبة الأجداد

تعنى بالتاريخ وتسلط الضوء على أحداثه بشكل سلس بدون تفاصيل عميقة يضيع القارىء بين سطورها

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

فتح مصر والإسكندرية زمن عمر بن الخطاب

قيل سنة عشرين وقيل غيرها ، لكن بالمجمل يجب أن تكون قبل عام الرمادة (سيأتي ذكره) لأن سيدنا عمرو بن العاص قد حمل الطعام في بحر القلزم من مصر إلى المدينة النبوية والله أعلم.


فتح مصر والإسكندرية زمن عمر بن الخطاب


التفاصيل

لما فتح سيدنا عمرُ بن الخطاب بيت المقدس أمضى سيدنا عمرو بن العاص إلى مصر وأتبعه بسيدنا الزبير بن العوام ، فأخذ المسلمون باب اليون وساروا إلى مصر فلقيهم هناك أبو مريم وهو جاثليق مصر (رئيس النصارى في بلاد الإسلام) ومعه الأسقفُّ بعثه المقوقس لمنع بلادهم. 

فلمّا نزل بهم سيدنا عمرو بن العاص قاتلوه ، فأرسل إليهم : لا تعجّلونا حتى نُعذِر إليكم وأبعثوا إليّ أبو مريم وأبو مريام ففعلوا. فخرجا إليه فدعاهما إلى الإسلام أو الجزية وأخبرهما بوصية ‏رسول الله ﷺ بأهل مصر بسبب هاجر أم سيدنا إسماعيل عليه السلام . فقالوا قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلا الأنبياء، آمنا حتى نرجع. فقال سيدنا عمرو: مثلي لا يُخدع ولكن أوجلكما ثلاثاً لتنظرا ، فقالا زدنا فزادهم يوماً.


فرجعا إلى المقوقس ،  فأبى أرطبون أن يجيبهما وأمر بمناهدتهم، فقال لأهل مصر: أما نحن فسنجهد أن ندفع عنكم. فلم يفجأ عمراً إلا البيات وهو على عدة، فلقوه فقتل أرطبون وكثير ممن معه وانهزم الباقون. 


وسار عمرو والزبير إلى عين الشمس وبها جمعهم، وبعث إلى فرما أبرهة بن الصباح، وبعث عوف بن مالك إلى الإسكندرية، فنزل عليها. قيل: وكان الإسكندر وفرما أخوين، ونزل عمرو بعين الشمس، فقال أهل مصر لملكهم: ما تريد إلى قتال قوم هزموا كسرى وقيصر وغلبوهم على بلادهم! فلا تعرض لهم ولا تعرضنا لهم - وذلك في اليوم الرابع - فأبى وناهدوهم وقاتلوهم.


فلما التقى المسلمون والمقوقس بعين الشمس واقتتلوا جال المسلمون، فنادى سيدنا  عمرو بأصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، فأجابوه، فقال: تقدموا فبكم ينصر الله المسلمين، فتقدموا وفيهم أبو بردة وأبو برزة وتبعهم الناس، وفتح الله على المسلمين وظفروا وهزموا المشركين، فارتقى سيدنا الزبير بن العوام سورها، فلما أحسوا فتحوا الباب لسيدنا عمرو وخرجوا إليه مصالحين، فقبل منهم، ونزل سيدنا الزبير عليهم عنوةً حتى خرج على سيدنا عمرو من الباب معهم، فاعتقدوا صلحاً بعد ما أشرفوا على الهلكة، فأجروا ما أخذوا عنوةً مجرى الصلح فصاروا ذمة، وأجروا من دخل في صلحهم من الروم والنوبة مجرى أهل مصر، ومن اختار الذهاب فهو آمنٌ حتى يبلغ مأمنه.


واجتمعت خيول المسلمين بمصر وبنوا الفسطاط ونزلوه، وجاء أبو مريم وأبو مريام إلى سيدنا عمرو وطلبا منه السبايا التي أصيبت بعد المعركة، فطردهما، فقالا: كل شيء أصبتموه منذ فارقناكم إلى أن رجعنا إليكم ففي ذمة. فقال سيدنا  عمرو لهما: أتغيرون علينا وتكونون في ذمة؟ قالا: نعم. فقسم سيدنا عمرو  السبي على الناس وتفرق في بلدان العرب.


 وبعث بالأخماس إلى سيدنا  عمر بن الخطاب ومعها وفد، فأخبروا سيدنا عمر بن الخطاب بحالهم كله وبما قال أبو مريم، فرد عمر عليهم سبي من لم يقاتلهم في تلك الأيام الأربعة وترك سبي من قاتلهم فردوهم.



أما الإسكندرية

فإن سيدنا عمرو سار إليها ، وكان من بين الإسكندرية والفسطاط من الروم والقبط قد تجمعوا له وقالوا: نغزوه قبل أن يغزونا ويروم الإسكندرية. فالتقوا واقتتلوا، فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وسار حتى بلغ الإسكندرية، فوجد أهلها معدين لقتاله. فأرسل المقوقس إلى سيدنا عمرو يسأله الهدنة إلى مدة، فلم يجبه إلى ذلك وقال:(( لقد لقينا ملككم الأكبر هرقل فكان منه ما بلغكم.))

 

فتح مصر والإسكندرية زمن عمر بن الخطاب


فقال المقوقس لأصحابه: صدق فنحن أولى بالإذعان. فأغلظوا له في القول وامتنعوا، فقاتلهم المسلمون وحصروهم ثلاثة أشهر، وفتحها سيدنا عمرو بن العاص عنوةً وغنم ما فيها وجعلهم ذمةً.


وقيل: إن المقوقس صالح سيدنا عمراً على اثني عشر ألف دينار على أن يخرج من الإسكندرية من أراد الخروج ويقيم من أراد القيام وعلى أن يفرض على كل حالم من القبط دينارين، وجعل فيها عمرو جنداً.


ولما فتحت مصر غزا النوبة فرجع المسلمون بالجراحات وذهاب الحدق لجودة رميهم، فسموهم رماة الحدق.


هذا كما جاء في الكامل في التاريخ.



ماذا صنع سيدنا عمرو بن العاص لكي لا يطمع القبط؟

وحضرت القبط باب سيدنا عمرو، وبلغه أنهم يقولون: ما أرث العرب وأهون عليهم أنفسهم! ما رأينا مثلنا دان لهم. فخاف أن يطمعهم ذلك فأمر بجزر فطبخت ودعا أمراء الأجناد فأعلموا أصحابهم فحضروا عنده وأكلوا أكلاً عربياً، انتشلوا وحسوا وهم في العباء بغير سلاح، فازداد طمعهم، وأمر المسلمين أن يحضروا الغد في ثياب أهل مصر وأحذيتهم، ففعلوا، وأذن لأهل مصر فرأوا شيئاً غير ما رأوا بالأمس، وقام عليهم القوام بألوان مصر فأكلوا أكل أهل مصر، فارتاب القبط، وبعث أيضاً إلى المسلمين: تسلحوا للعرض غداً، وغدا على العرض، وأذن لهم فعضم عليهم وقال لهم: علمت حالكم حين رأيتم اقتصاد العرب فخشيت أن تهلكوا فأحببت أن أريكم حالهم في أرضهم كيف كانت، ثم حالهم في أرضكم، ثم حالهم في الحرب، فقد رأيتم ظفرهم بكم وذلك عيشهم وقد كلبوا على بلادكم بما نالوا في اليوم الثاني، فأردت أن تعلموا أن ما رأيتم في اليوم الثالث غير تارك عيش اليوم الثاني وراجعٌ إلى عيش اليوم الأول.


فتفرقوا وهم يقولون: لقد رمتكم العرب برجلهم. وبلغ سيدنا عمر ذلك فقال: (والله إن حربه للينة ما لها سطوة ولا سورة كسورات الحروب من غيره).

الكامل في التاريخ. 


عن الكاتب

صُحبة الأجداد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

صُحبة الأجداد