فلمّا جاء الإسلام أختلفت الموازين وأصبح المسود سيداً وقد أوضحنا في سابق المنشورات الكتب التي أرسلها النبي عليه السلام لعظماء تلك الدول.
وبعد حرب الردّة سيّر سيدنا أبو بكر الصدّيق الجيوش فبدأت مرحلة جديدة عصفت بتلك الدول وأصابها الذهول وذلك بعد أن انتدب القادة وبدأ الغزو الكبير لهم.
معركة ذات السلاسل
خبر التكليف و بداية المصادمة مع الفرس
جاء كتاب سيدنا أبو بكر بتكليف خالد لغزو فارس وهو باليمامة وقيل بعد عودته من اليمامة وأمره أن يبدأ بثغر الهند وهو الأبلة (بلدة على شاطىء دجلة) وطلب منه أن لا يستعين بمرتد.
وكتب سيدنا أبو بكر لعياض بن غنم أن يسير للعراق من أعلاه حتى يلقى خالداً. وكان المثنى بن حارث الشيباني قد استأذن سيدنا أبو بكر أن يغزو بالعراق فأذِن له وكان يغزوهم قبل قدوم خالد. فقدم خالد بعشرة آلاف ولحق به المثنى بعد كتاب من سيدنا أبو بكر له وكان معه ثمانية آلاف.
واستنفر خالد وعياض جندهم وكتب خالد لصاحب الثغر كتاب إنذار وفيه
أسلم تسلم أو اعتقد لنفسك ولقومك الذمة وإقراراً بالجزية وإلا لا تلومن إلا نفسك فلقد جئتك بقومٍ يحبون الموت كما تحبون الحياة.
تفاصيل المعركة
ثم فرّق جيشه ثلاث فرق على مقدمته المثنى وبعده عدي بن حاتم ويلحق بهم خالد وتواعدوا على ماء الحفير.
وكان هذا المحور أشد محاور الفرس وأعظمها .فلما سمع هرمز قدومهم استنفر ملكه بالخبر وسبق المسلمين إلى الحفير وربط جنده بالسلاسل حتى لا يفروا.
فمال خالد إلى كاظمة فسبقه هرمز إليها فنزل خالد على غير ماء .فقال له الناس ماذا تفعل ؟ قال خالد: لعمري ليصيرن الماء لأصبر الفريقين.
فتقدم إلى الفرس فلاقاهم وأرسل الله عز وجل سحابةً فاغدرت وراء صف المسلمين فقويت قلوبهم.
فطلب هرمز خالد للمبارزة وأضمر غدراً مع بعض جنده ليستكثروا عليه ، فمشى راجلاً فتضاربا فخرج أصحاب هرمز فلم يثنيه عن قتل هرمز وكان القعقاع بن عمر التميمي قد أزاح جند هرمز فانهزم جيش الفرس شر هزيمة وأخذ خالد سلب هرمز وكانت قيمتها كبيرة للغاية وقتذاك.
وبعث خالد بالفتح والأخماس إلى سيدنا أبو بكر وسار حتى نزل بموقع الجسر الأعظم بالبصرة وبعث المثنى في آثار الفرس.
ولم يعترض خالد على الفلاحين بوصية سيدنا أبو بكر فقد أحسن إليهم وقد لاقوا معاملة جيدة غير التي كان يعاملهم بها هرمز وجنده.