صُحبة الأجداد

تعنى بالتاريخ وتسلط الضوء على أحداثه بشكل سلس بدون تفاصيل عميقة يضيع القارىء بين سطورها

random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

بداية الفتوحات في بلاد فارس في عهد عمر بن الخطاب

فلمّا أصبح سيدنا عمر من الليلة التي مات فيها سيدنا أبو بكر كان أول عمل عمل به أن ندب الناس مع المثنى بن حارثة إلى أهل فارس، ثم بايع الناس.

بداية الفتوحات في بلاد فارس في عهد عمر بن الخطاب



وكان الناس يحجمون عن الخروج إلى فارس لما في أنفسهم من عظمتها وشوكتها القديمة فخطبهم المثنى وقال:


أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه فإنا قد فتحنا ريف فارس وغلبناهم على خير شِقّي السواد ونلنا منهم واجترأنا عليهم، ولنا إن شاء الله ما بعدها

فقيل لسيدنا عمر : أمّر عليهم رجلاً من السابقين من المهاجرين أو الأنصار. قال : لا والله لا أفعل ، إنّما رفعهم الله تعالى بسبقهم ومسارعتهم إلى العدو ، فإذا فعل فعلهم قوم وتثاقلوا كان الذين ينفرون خفافاً وثقالاً يسبقون إلى الرفع أولى بالرئاسة منهم، والله لا أؤمّر عليهم إلا أولهم انتداباً!

ثم دعا أبا عبيد بن مسعود الثقفي ، وسعد بن عُبيد الأنصاري وسليط بن قيس وقال لهما: لو سبقتماه (أي أبا عبيد) لولّيتكما ولأدركتما بها إلى ما لكما من السابقة، فأمّر أبا عُبيد وقال له: اسمع من أصحاب ‏رسول الله ﷺ ، وأشركهم في الأمر ولم يمنعني أن أؤمّر سليطاً إلا سرعته إلى الحرب ، وفي  التسرّع إلى الحرب ضياع الأعراب فإنه لا يصلحها إلا الرجل المكيث، وأوصاه بجنده. فكان بعث أبي عُبيد أول جيش سيره سيدنا عمر ثم سيّر بعده سير يعلى بن مُنية إلى اليمن وأمره بإجلاء أهل نجران عملاً بوصية ‏رسول الله ﷺ.

فسار أبو عبيد الثقفي وسعد بن عُبيد وسليط بن قيس والمثنى بن حارثة  ، وأمر سيدنا عمر المثنى بالتقدم إلى أن يقدم عليه أصحابه وأن يستنفر من حَسُن إسلامه من أهل الردة ففعلوا ذلك، وسار المثنى فقدم الحيرة. 

 وكانت الفرس قد تشاغلت بموت  شهريران حتى اصطلحوا على سابو بن شهريار بن أردشير فثارت به آزرميدخت فقتلته وملكت بوران  وكانت عدلاً بين الناس حتى يصطلحوا.

واختارت رستم أحد عظماء الفرس قائداً عاماً للجنود الفارسية فدانت له الفرس عقب ورود أبي عبيد. 

بداية المصادمة 

وقعة السقاطيّة بكسكر وفيها مقتل 4000 مسلم 


كتب رستم إلى دهاقين السواد أن يثوروا بالمسلمين ودس في كل رستاق رجلاً ليثور بأهله وكان ممن أرسله جابان ونرسي من القوّاد فأثاروا بالناس من أعلى الفرات إلى أسفله واجتمع جند عظيم في النمارق (قرب الكوفة).

فعلم بذلك المثنى وضم إليه مسالحه وحذر وحينما جاء أبو عبيد أراح الجند قليلاً ثم سار إلى النمارق فحارب جابان ومن معه،  وهزم الله عز وجل فارس وتم أسر جابان من قبل رجل من عامة العرب من ربيعة فخدعه جابان فقال له: إنكم العرب أهل وقاء فهل لك أن تؤمنني وأعطيك كذا وكذا ؟ فقال له : نعم ، فقال له : أدخلني على ملككم حتى يكون ذلك بمشهد منه ففعل ذلك فأجاز ذلك أبو عبيد، فأخبره القوم أنه جابان قائد الفرس ، فقال أبو عبيد: ما تروني فاعلاً معاشر ربيعة؟ أيؤمنه صاحبكم وأقتله أنا، معاذ الله ما لزم بعض المسلمين فقد لزمهم كلهم.

ولمّا انهزم الفرس ذهبوا إلى كسكر لاجئين إلى نرسي فاجتمع إليه الجند الذين معه وفلول جابان فتبعهم أبو عبيد والتقى بهم أسفل من كسكر فهزمهم وغلب عسكر نرسي وأرضه وأخرب ما كان حول معسكرهم.

وهناك جاءه الدهاقون مسالمين فسالمهم وجاؤوه بهدايا من أطعمة فارص وألوانها فلم يأكل منها.وقال:

بئس المرء أبو عبيد إن صحب قوماً من بلادهم، أهرقوا دماءهم دونه أولم يهرقوا فاستأثر عليهم بشيء يصيبه لا والله لا يأكل مما أفاء الله عليهم إلا مثل ما يأكل أوسطهم


فبعد هزيمة الفرس جهّز رستم جيشاً آخر عظيماً يقوده جاذويه وأعطاه الراية الكبرى لفارس المسماة درفش كانيان وعرضها ثمانية أذرع وطولها اثنا عشر متراً من جلود النمر .

فسار إليه أبو عبيد حتى نزل المروحة (على شاطىء الفرات الغربي) ، فبعث إليه بهمن إما أن تعبروا إلينا وندعكم والعبور وإما ان تدعونا نعبر إليكم، فأشار الناس على أبي عبيد بعدم العبور فلجّ وترك الرأي وقال: لا يكونوا أجرأ على الموت منا.

وكان قد رأت امرأة ابنه رؤية بأن رجلاً نزل من السماء بإناء فيه شراب فشرب أبو عبيد ومعه نفر  فأخبرته فقال: لهذه إن شاء الله الشهادة.

فعبر المسلمون ودارت رحا الحرب وضاقت الأرض بأهلها فلما نظرت الخيول إلى الفيلة وخيول الفرس كان عليها آلات حرب ، رأت شيئاً منكراً لم تكن رأت مثله فجعلت لا تُقدم فترّجل أبو عبيد والناس عن خيولهم  فنادى أبو  عبيد: احتوشوا الفيلة واقطعوا بطانها واقلبوا عنها أهلها ، ففعلوا ذلك  فما تركوا فيلاً إلا حطّوا رحله وقتلوا أصحابه وأهوى الفيل لأبي عبيد فضربه بالسيف وخبطه الفيل بيده فوقع فوطئه وقام عليه فخشعت أنفس الناس ثم أخذ اللواء الذي كان بعد أبو عبيد فقاتل الفيل حتى تنحى عن أبو عبيد فأخذه المسلمون فأحرزوه ثم قتل الفيل الأمير الذي بعد أبو عبيد وتتابع سبعة أنفس من ثقيف، كلهم يأخذ اللواء ويقاتل حتى يمون ثم أخذ اللواء المثنى فهرب عنه الناس. 

فبادر عبد الله بن مرثد الثقفي إلى الجسر وقال : يا أيها الناس موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا!

وحاز المشركون المسلمين إلى الجسر فتواثب بعضهم إلى الفرات فغرق من لم يصبر وأسرعوا فيمن صبر وحمى المثنى وفرسان المسلمين الناس وقال : أنا دونكم فاعبروا على هينتكم، ولا تدهشوا ولا تغرقوا نفوسكم وقاتل يومها عُروة بن زيد الخيل وأبو محجن الثقفي قتالاً شديداً ، وقاتل أبو زبيد الطائي حميّة للعربية وكان نصرانياً ،

ونادى المثنى : من عبر نجا. وجاء العلوج فعقدا الجسر وعبر الناس وكان آخر من قُتل عند الجسر سليط بن قيس. 

وبقي المثنى في قلة وكان قد جُرح وأُخبر سيدنا عمر عمن سار في البلاد من الهزيمة استحياء، فاشتد عليه الخبر وقال:

اللهم أن كل مسلم في حِلّ مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد! لو كان انحاز إلي لكنتُ له فئة

وقُتل من المسلمين أربعة آلاف بين قتيل وغريق وهرب ألفان وبقي ثلاثة آلاف ، وقُتل من الفرس ستة آلاف.

وكان جاذويه قد أراد اللحاق بالمسلمين ومطاردتهم فأتاه خبر اختلاف الفرس وأنهم قد ثاروا برستم فأحجم.

المرجع:  الكامل في التاريخ


عن الكاتب

صُحبة الأجداد

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

صُحبة الأجداد