في موسم الحج الذي كان بعد يوم بعاث أقبل إلى مكة جماعة من الخزرج فجاءهم رسول الله ﷺ ودعاهم إلى الإسلام وكان في أنفسهم شيء مما كانوا يسمعونه وهم في المدينة من يهودها عن بعثة نبي قرب وقت ظهوره يستظهر به اليهود عليهم.
فقال بعضهم لبعض إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه فأجابوه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا عسى أن يجمعنا مع قومنا ونترك العداوة والشر ...فعادوا إلى قومهم وكانوا ستة نفر فذكروا لهم الأمر ودعوهم إلى الإسلام حتى لم يبقى دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله ﷺ.
فلما كان موسم الحج الذي قبل الهجرة بسنة وثلاث أشهر وافى الموسم من أهل المدينة اثني عشر رجلاً فلقوا النبي بالعقبة وبايعوه على الإسلام بيعة تسمى في التاريخ بيعة النساء وسميت بذلك لأنها كانت على الأمور التي ورد ذكرها في سورة الممتحنة خاصة ببيعة النساء وهي الآية الكريمة :
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
أول سفير بالإسلام
هذا وبعد أن تمت البيعة بعث النبي معهم مصعب بن عمير يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين فكان يسمى المقرئ وكان يؤمهم بالمدينة لأن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض.
وكان إسلام هؤلاء النفر وذهاب مصعب بن عمير معهم سبباً كبيراً من أسباب دخول أشراف يثرب في الإسلام فأسلم أسيد بن حصير من الأوس وكان أبوه قائد الأوس في يوم بعاث.
وأسلم سعد بن معاذ سيد بني عبد الأشهل من الأوس وقد كان سبباً في إسلام قومه لما طلب منهم ذلك.