يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة كانت هذه الكلمات من الرجل الذي انتدبه أبو سفيان حين استنفر بها قومه قُبيل بدر الكبرى وكان مع أبو سفيان ما يقارب 40 رجلاً.
وحين علم رسول الله ﷺ ندب إليها أصحابه فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل آخرون لأنهم لم يكونوا يظنون أن الرسول يلقى حرباً وكان عدة من خرج معه (314 رجلاً) [83 مهاجرين و 61 من أوس و 170 من الخزرج].
فتجهزت قريش بعد أن شاهدت استنفار الرجل وراعهم الخبر حين قال لهم الغوث الغوث الحقوا تجارتكم فخرج الناس سراعاً وكانوا بين رجلين إما خارج أو باعث مكانه رجلاً آخر.
فكانت عدتهم بين 900 و 1000 ولم يزالوا حتى نزلوا بمنطقة (العدوة القصوى من وادي بدر).
أما رسول الله ﷺ فخرج يوم الأثنين لثمان خلون من رمضان حتى إذا كان قريباً من الصفراء بعث إلى بدر لاستطلاع أخبار العير حتى إذا قارب بدراً جاءته الأخبار عن قريش وعديدهم فاستشار الناس فتكلم أبو بكر وعمر فأحسنا ، وقال له المقداد بن عمرو امض يا رسول الله لما أمرك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له الرسول خيراً.
ثم قال اشيروا عليّ أيها الناس وإنما كان يريد الأنصار لأن العدد فيهم وكان نص بيعتهم يمنعونه في المدينة وليس خارجها فقال سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال: أجل فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل وما نكره أن تلقى بنا العدو غداً إنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.
فسُرَّ عليه السلام بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال: سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.
تفاصيل وأحداث المعركة
1 _ بلغ النبي عليه السلام أن أبو سفيان نجا بالعير وأن قريشاً وراء وادي بدر وكان أبو سفيان قد طلب من قريش العودة إلى مكة لنجاة العير.
فأبى أبو جهل ذلك وقال والله لا نرجع حتى نَردُ بدراً ونقيم فيه ثلاثاً فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبسيرنا وبجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبداً بعدها فامضوا .
ورجع حينها الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة لما رأى تشدد أبو جهل فعاد معه بني زهرة وأخذوا بمشورته وكذلك بني عدي ، ومضت قريش حتى نزلت بمنطقة العدوة الدنيا.
2_نزل المسلمون على أول ماء بدر فجاء الحباب بن المنذر إلى رسول الله وقال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال النبي بل هو الرأي والحرب والمكيدة.
قال يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوظاً فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون فقال لقد أشرت بالرأي وفعل كما قال.
3_ ثم إن سعد قال للرسول: يا رسول الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن ورائنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه الرسول ودعا له بخير وأمر ببناء العريش فبني له.
4_تراءى الجيشان في صبيحة يوم الثلاثاء 17 رمضان وابتدأت بالمبارزة حسب قواعد العرب فخرج من المشركين عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وابنه الوليد وأخوه شيبة فطلبوا من يخرج إليهم فبرز لهم ثلاثة من الأنصار فقال لهم القرشيون لا حاجة لنا بكم نطلب أكفاءنا من بني عمنا فخرج لهم حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقُتل المشركين وجُرح عبيدة.
وبدأ الهجوم ولم تطل الحرب في ذلك النهار فإن الهزيمة حلّت بقريش بعد مقتل جمع من صناديدهم وأبرزهم أبو جهل وأُسر من قريش قرابة ٧٠ وهرب الباقون فأمر النبي بدفن الموتى من الطرفين وأمر بجمع الغنائم ثم أرسل بشيرين إلى أهل المدينة يبشرانهم بالفتح ثم عاد عليه السلام إلى المدينة وقتل أثنين من الأسرى.
- النضر بن الحارث لأنه كان مؤذياً للمسلمين ويعلّم القيان الشعر الذي يهجو به المسلمين ليغنين به.
- عقبة بن أبي معيط وهو مثله.
ولم يقتل من الأسرى غيرهما ، وفرّق الأسرى بين أصحابه وقال لهم استوصوا بهم خير وبعد ذلك استقر رأي النبي بعد أن استشار أصحابه على قبول الفداء من قريش في الأسرى وكان بعض الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب وسعد بن معاذ يريدون قتلهم وكان ذلك كله قبل نزول آية القتال.
وبعد الحادثة نزلت معاتبة الله عز وجل بقوله سبحانه وتعالى (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن بالأرض).
فعلمت قريش بما كان فأرسلت في فداء أسراها ومنهم من منّ عليه بدون فداء وبعضهم كان فداءه تعليم عشرة من صبيان المدينة. ونزلت في هذه الغزوة سورة الأنفال بأسرها.